المستودعات والتخزين

دقة المخزون في المستودعات، تحديات وحلول

لطالما كانت إدارة المخزون هي التحدي الأكبر الذي يواجه مسؤولي المستودعات في الشركات اللوجستية وأيضا الشركات التي تقوم بتشغيل مستودعاتها الخاصة.

دقة المخزون في المستودعات ليست مجرد رقم يظهر في التقارير؛ بل هي الحصيلة النهائية لعملية معقدة تشمل عمليات الاستلام والتخزين والتسليم والتحديث المستمر للبيانات، وكلما ازدادت دقة المخزون ازدادت معها قدرة الشركة على تقديم خدمات موثوقة وتحقيق رضا العملاء، خاصة إذا ما كنا نتحدث عن الشركات اللوجستية المقدمة لخدمات التخزين للغير.

لنتخيل معًا سيناريو حين يطلب أحد العملاء منتجا مهما من المخزون، لكن نظام إدارة المستودع WMS يشير إلى وجود نقص غير مبرر في ذلك المنتج فماذا يحدث حينها؟ قد تتأخر الشحنة ويُصاب العميل بخيبة أمل، وتخسر الشركة جزءًا من سمعتها، وقد يؤدي ذلك أيضا إلى مطالبات مالية، ولذلك، فإن دقة المخزون ليست خيارًا، بل ضرورة لا بد من الالتزام بها.

تمثل دقة المخزون العصب الحيوي لأي مستودع، فعندما تكون بيانات المخزون دقيقة يؤدي ذلك لـ:

  • استجابة أسرع لطلبات العملاء بفضل معرفة الكميات المتوفرة بدقة.
  • التقليل من الخسائر المادية التي يسببها نقص المخزون.
  • تحسين خطط إعادة التخزين، فالبيانات الدقيقة تعزز من كفاءة عمليات تخطيط المخزون.
  • زيادة الكفاءة التشغيلية من خلال تقليل الوقت المستغرق في تصحيح الأخطاء والبحث عن المنتجات.

في حال غياب دقة المخزون، تتراكم المشكلات، بدءًا من زيادة تكاليف التشغيل وصولًا إلى التأثير السلبي على سمعة الشركة.

تُعد دقة المخزون تحديًا دائمًا للشركات اللوجستية، إذ تتطلب تحقيق توازن بين تقليل الأخطاء البشرية والاستفادة من التقنية، وعلى سبيل المثال، عندما تكون العمليات التشغيلية معقدة، مثل التعامل مع منتجات صغيرة الحجم، فيمكن هنا أن تزداد احتمالية حدوث الأخطاء، ولهذا فإنه من الضروري وضع استراتيجيات مبتكرة للحفاظ على دقة المخزون تتناسب مع طبيعته وطبيعة العمليات التشغيلية.

نتيجة لأهمية هذا الأمر، تحرص الشركات على تطبيق الإجراءات المرتبطة بقياس دقة المخزون ومكن أهمها العد الدوري Cycle Count والجرد الكامل Stock Take.

في العقود اللوجستية، تُستخدم النسب المئوية لدقة المخزون كمعيار للتقييم بين شركات التخزين والعملاء، وغالبًا ما تشمل هذه العقود بنودًا تحدد مسؤوليات كل طرف في حال وجود فروقات، وهذا يساعد في تقليل الخلافات وتحقيق الشفافية.

هناك العديد من العوامل التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار قبل تحديد نسبة دقة المخزون في المستودعات التي ينبغي الاتفاق عليها، ومن ذلك:

1. طبيعة المنتجات

البضائع ذات القيمة العالية، مثل الإلكترونيات والمجوهرات، تحتاج إلى مستويات دقة أعلى، بالمقابل، قد تكون بعض المنتجات الاستهلاكية أقل حساسية.

قد تكون حساسية بعض المنتجات متمثلة في مخاطرها أو الاستغلال السيء لها، مثل المواد الكيميائية أو بعض المنتجات الدوائية، ولا ننسى أيضا أن المنتجات من هذا النوع قد تكون خاضعة للرقابة والمسائلة النظامية.

2. حركة المخزون

المستودعات ذات معدل الحركة المرتفع تواجه تحديات إضافية، مثل التحقق المستمر من الكميات المتوفرة ومراجعة العمليات التشغيلية، وكلما كانت حركة المخزون أكبر كانت احتمالية وقوع الأخطاء أعلى خاصة عند الاعتماد على العمليات اليدوية.

أيضا طريقة حركة المخزون والعمليات المرتبطة به لها دور جوهري، فالعمليات التي تتم على مستوى الطبليات الكاملة في الإدخال والإخراج تكون نسبة الأخطاء بها أقل من تلك العمليات التي تعتمد على الكراتين أو القطع الصغيرة، وتجدر الإشارة إلى أن الكميات تحسب أثناء العد حسب وحدة التخزين، فما يتم تسجيله في النظام كطبلية مثلا ينيغي أن يتم عده كطبلية كاملة.

3. الاعتماد على التقنية

المستودعات التي تعتمد بنسبة كبيرة على التقنيات الحديثة تكون نسبة دقة المخزون لديها أعلى، ومستوى الدقة يعتمد على مدى تقدم التقنيات المتوفرة.

4. الخبرة والمهارة لفريق المستودع

العاملون المؤهلون هم العمود الفقري لأي مستودع، ومن خلال تدريبهم على التقنية وأفضل الممارسات، يمكن تقليل الأخطاء بشكل كبير وتحقيق نسبة أعلى في دقة المخزون.

الأخطاء المسببة للاختلافات في المخزون

عند اكتشاف فروقات في المخزون فإنه وقبل حساب نسبة الفرق ينبغي النظر في تلك الفروقات وتحليلها للتعرف على أسبابها والنظر في إمكانية حلها، وليتضح الأمر بهذ الخصوص يمكننا أن نقوم بتقسيم الأخطاء المرتبطة بالمخزون إلى نوعين:

1. الأخطاء الفعلية

تشمل الفروقات الحقيقية الناتجة عن الأخطاء المرتبطة بالعمليات التشغيلية أو السرقات ونحوها، ومن أمثلة ذلك:

  • تسليم كميات أكبر من المطلوب عند إخراج المنتجات من المستودع دون الانتباه لذلك.
  • بعض الأمور المتعمدة كالسرقة.

تدخل هذه الفروقات بشكل مباشر في حساب نسبة الفرق المتفق عليها، وقد لا يكون احتسابها مقبولًا إذا ما تمكن صاحب البضاعة من إثبات كون الأمر متعمدًا مثل السرقة، فهذه النسبة تُحدد للأخطاء غير المقصودة فقط.

2. الأخطاء غير الفعلية

السبب الرئيسي لهذه الأخطاء يتمثل في عدم دقة العمليات التشغيلية مثل الأخطاء المرتبطة بالإدخالات، فقد يتم تسجيل استلام كمية أكبر من الكمية المستلمة فعليا لمنتج ما في نظام إدارة المستودع مما يتسبب بمخزون فعلي أقل أو أن يتم تسجيل عمليات الإخراج بشكل مكرر مما يؤدي إلى وجود كميات إضافية في المخزون الفعلي.

الأخطاء من هذا النوع قد يمكن في حالات كثيرة إثباتها وحلها، ولكن ذلك ليس في جميع الحالات بالطبع، فتسجيل تاريخ انتهاء صلاحية المنتج بشكل خاطئ، كأن يتم تسجيل تاريخ انتهاء أبعد من التاريخ الفعلي، قد يؤدي إلى انتهاء صلاحية المنتج قبل إخراجه من المستودع وبالتالي يتم خسارة ذلك المنتج، ولا يمكن قبول هذا الخطأ لأنه لأنه يتسبب بخسارة مادية.

أيضا قد لا يمكن حل بعض الأخطاء من هذا النوع بسبب ارتباطها بأطراف متعددة، فمن الأمثلة التي تحدث كثيرا بالمستودعات الخاصة بشركات التخزين للغير أن يقوم العميل بإرسال إشعار بالبضائع القادمة Inbound pre-alert notification، وقد يحدث أن يذكر العميل بأن الكمية القادمة من المنتج X هي 100 قطعة ومن ثم يقوم فريق المستودع بتأكيد الاستلام لنفس العدد نتيجة للعد الخاطئ، بينما الكمية التي استلامها في الواقع هي 99 قطعة فقط، وهذا الخطأ يصعب إثباته لاحقا وقد لا يقبله العميل لأنه قد يكون أيضا قد أكد لمورده سابقا استلام نفس العدد الذي تم تأكيده له من فريق المستودع.

استراتيجيات إضافية لتحسين دقة المخزون في المستودعات

1. تحسين إدارة الموردين

التواصل الفعال مع الموردين يمكن أن يقلل من احتمالية الأخطاء، على سبيل المثال، ضمان إرسال تفاصيل دقيقة عن الشحنات يساعد في التحقق من الكميات المستلمة.

2. مراقبة دقيقة لسلسلة الإمداد

التعاون مع جميع الأطراف في سلسلة الإمداد، من الموردين إلى شركات النقل، يساهم في تحسين دقة البيانات وتقليل الأخطاء.

3. تعزيز ثقافة الجودة

إنشاء بيئة عمل تركز على الجودة يمكن أن يكون له تأثير كبير، حيث يجب أن يكون العاملون بجميع المستويات الوظيفية مدركين لأهمية دقة المخزون وتأثيره على نجاح الشركة.

4. استخدام مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs)

مراقبة مؤشرات مثل نسبة دقة المخزون، وعدد الأخطاء التشغيلية، ومدة تحضير الطلبات، يمكن أن يساعد في تحديد النقاط التي تحتاج إلى تحسين.

خلاصة القول، دقة المخزون في المستودعات ليست خيارًا بل أساس لنجاح أي مستودع، ومن خلال الجمع بين التكامل في سلسلة الإمداد، والتقنية، والتدريب للعاملين بالمستودعات، والتحليل المستمر للعمليات التشغيلية، يمكن للشركات تحقيق نسب دقة مثالية تتراوح بين 98% و100%، والاستثمار في تحسين دقة المخزون يعود بالنفع على جميع جوانب العمل من تحسين رضا العملاء إلى تقليل التكاليف التشغيلية.


هذا المقال برعاية: الحلول الفريدة لخدمات التخزين

Mohammad Alzayer

مستشار في الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة "منشآت"، خبير سلاسل الإمداد والتجارة الإلكترونية. حاصل على درجة الماجستير في إدارة سلسلة التوريد من Dublin Institute of Technology بجمهورية إيرلندا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
× تواصل معي