خلال الأيام القليلة الماضية كان الحدث الأبرز الذي شغل الناس ووسائل الإعلام على حد سواء هو نقل ثلاث طائرات ركاب عملاقة برا من مدينة جدة إلى العاصمة الرياض وذلك لاستخدامها ضمن فعاليات موسم الرياض.
الحدث الذي أعلنه معالي المستشار تركي آل الشيخ لاقى زخما شعبيا وإعلاميا كبيرين، فمشهد نقل طائرات ضخمة من طراز بوينغ 777 برا ليس بالمشهد المعهود دون شك، ولكن هذا الحدث يتجاوز الإنبهار الشعبي إلى أمور أعمق وأكثر دلالة وأهمية.
إنجاز من هذا النوع هو برهان للقدرات اللوجستية العالية التي تتمتع بها المملكة، وتولي شركة وطنية كبرى مثل شركة المجدوعي اللوجستية لهذه العملية هو دليل آخر على قدرة شركاتنا الوطنية على قيادة العمل اللوجستي داخل الوطن وخارجه.
من يعمل بالقطاع اللوجستي يدرك حجم المهمة وحساسيتها، فالمشهد الذي جذب الناس خلال رؤيتهم لشاحنات ضخمة وهي تنقل هذه الطائرات سبقه عمل كبير ومعقد تكاملت فيه جهود عدد كبير من القطاعات اللوجستية والأمنية بالتعاون مع الخطوط الجوية العربية السعودية وهيئة الترفيه في تنسيق مشترك لهذه المهمة النوعية.
بُذِلَت الكثير من الجهود قبل استلام الطائرات، فتجهيز الشاحنات المهيأة للقيام بهذه المهمة اللوجستية هو أمر في غاية الأهمية والدقة وذلك لضمان أعلى مستويات السلامة والجودة قبل وأثناء عملية النقل، وأما عملية مناولة أجسام الطائرات ورفعها فوق الشاحنات فهي عملية في غاية الدقة استخدمت فيها دون شك معدات مناولة بأعلى المستويات.
جهود وزارة النقل والخدمات اللوجستية في هذا الإنجاز الوطني واضحة وملموسة، فهي الجهة التي تتولى مهمة وضع الأنظمة والتشريعات المنظمة للقطاع اللوجستي بشكل عام، وجهود الجهات الأمنية لا تخفى على أحد فهي المسؤولة عن ضمان سلامة المواطنين والمقيمين أولا أثناء مرور الشاحنات المحملة بتلك الطائرات الضخمة أولا، وضمان سلامة الشاحنات وما تحمله من طائرات وصولا إلى وجهتها النهائية ثانيا، وهذه المهمة لا تتم إلا بتنسيق أمني عالي المستوى من مختلف القطاعات.
ما صاحب هذه المهمة من صخب إعلامي على مختلف الوسائل الإعلامية له أبعاد أخرى لا تقتصر على تسليط الضوء على القدرة اللوجستية الكبيرة للمملكة، بل تتجاوز ذلك لتشكل بعدا تسويقيا كبيرا على أعلى المستويات.
هذا الحدث هو أولا تسويق للوطن وقدراته الكبيرة التي تتشكل بسواعد أبناء وبنات هذا الوطن الكبير، وهو تسويق ايضا لموسم الرياض وما يمثله من حدث ترفيهي ضخم على مستوى المنطقة.
يمتد الأثر التسويقي ليشمل شركة المجدوعي اللوجستية التي تولت هذه المهمة، وقد تفاعلت الشركة مع التغطية الإعلامية ومع ما نشره معالي المستشار تركي آل الشيخ بطريقة ذكية لفتت أنظار المواطن العادي والمهتمين بالقطاع اللوجستي من شركات وأفراد على حد سواء، وهذا له دور كبير في ترسيخ العلامة التجارية وإبرازها.
أخيرا، إن هذه الجهود هي برهان لقدرة وطن تمكن من خلال تمكين أبناءه وبناته أن يكون قائدا للمشهد اللوجستي في المنطقة، وطن آمن برؤية كبرى وضعت ضمن مرتكزاتها أن يكون هذا الوطن محورا لوجستيا عالميا.