العمل الحر

كيف تميز المنتجات الوهمية للربح من الإنترنت؟

بسم الله الرحمن الرحيم

أشرتُ في مقال سابق بعنوان الربح من الإنترنت بين الحقيقة والوهم إلى أن هناك منتجات رقمية تدعي تعليم مقتنيها طرقًا للربح السريع من الإنترنت، وقد تحدثتُ بتفصيل أكثر حول هذه النقطة في مقال المنتدى العالمي Warrior Forum ووهم الربح من الإنترنت وتليته بمقال توضيحي عنونته بـ تعليقات على وهم الربح في المنتدى العالمي Warrior Forum، ومع كثرة التحذيرات على شبكة الإنترنت بخصوص منتجات كهذه وهمية إلا أنها ما زالت تلقى رواجًا بين الباحثين عن ربح المال أثناء النوم!

لتسهيل الأمر، قررتُ ومن واقع تجربتي أن أستعرض بعضًا من السمات الرئيسية والمشتركة بين العديد من المنتجات الوهمية، وفي حال وجدتَ كل أو بعض هذه السمات في منتج رقمي للربح من الإنترنت؛ فأنصحك بأن تتجاهله مباشرة كيلا تضيع مالك وجهدك في شيء لن يعود عليك بفائدة.

كيف-تميز-منتجات-الربح-من-الإنترنت-الوهمية

لا تعلم ماذا تشتري

من الأمور البديهية في البيع والشراء أن يكون المَبِيع أمرًا واضحًا ومعروفًا للمشتري، فهل من المعقول أن تتجه لمتجر ليقول لك صاحبه ادفع 100 دولار وسأعطيك منتجًا، وتقوم أنت بالدفع من دون أن تعرف أي شيء عن المنتج تقريبًا؟ بالتأكيد فإن جوابك هو لا، ولكن عندما نأتي إلى مجال المنتجات التي تتحدث عن الربح من الإنترنت فإن للبعض نظرة أخرى بالرغم من أن القاعدة هي نفسها ولم تتغير!

قد تصل إلى صفحة خاصة بمنتج رقمي للربح من الإنترنت لتجد أن صاحبه يحدثك كثيرًا حول المبالغ الضخمة التي ستجنيها، ولكنه لا يخبرك هل هذا المنتج عبارة عن كتاب إلكتروني يشرح أساليب للربح من الإنترنت، أو هل هو عبارة عن دروس مرئية، أم أنه برنامج يؤدي مهام معينة كنشر الإعلانات مثلًا، وبالتالي تتمكن من الحصول على زائرين Traffic وتزيد من مبيعاتك، كل هذا يكون غير معلوم بالنسبة لك!

الأسوأ من ذلك أنه وفي كثير من الأحيان لا يخبرك صاحب المنتج عن الطريقة التي ستُستخدم في الربح! أي أنك لا تعرف هل المنتج مخصص للربح عن طريق التسويق بالعمولة، أم سيشرح لك كيفية إعداد وتسويق منتجك الشخصي، أم أن الربح سيكون من خلال تقديم خدماتك والتسويق لها في مجال معين عبر مواقع العمل الحر، أي وباختصار؛ تكون الطريقة التي ستُستخدم في الربح مجهولة بالإضافة إلى أن نوع المنتج مجهول أيضًا.

ولكي لا يختلط الأمر فإن الغموض الذي يحفظ حق البائع مختلف عما ذُكر بالأعلى، أي أنك قد تجد منتجًا يذكر صاحبه أنه كتاب إلكتروني يشرح طرقًا وأساليب للربح من خلال التسويق بالعمولة مثلًا، إلا أنه لن يذكر الاستراتيجيات المستخدمة للوصول إلى تلك النتيجة؛ لأنها العنصر الرئيسي في الكتاب، ولكن قد يلمح لها أو لبعضها، وهذا أمر مختلف تمامًا فأنت في هذه الحالة تعرف نوع المنتج والأسلوب الذي سيستخدمه لتحقيق الربح، وليس كما ذُكر بالأعلى.

الربح من الإنترنت أثناء النوم

أحب دائمًا أن أطلق هذه العبارة على المنتجات التي توهم مشتريها أن بإمكانهم تحقيق الربح من الإنترنت من دون عمل يذكر، فما عليهم سوى الانطلاق وإنشاء نقطة البداية، وبعدها الخلود إلى النوم وحين إذٍ وفي اليوم التالي سيرون آلاف الدولارات قد أضيفت لأرصدتهم!

كيف-تميز-منتجات-الربح-من-الإنترنت-الوهمية1

أعتقد أن هذا النوع من المنتجات لا يحتاج لمزيد من الشرح ولا لكثرة الكلام، فإذا كان بإمكاني أن أربح الآلاف وأنا نائم؛ فحينها سأنام 16 ساعة يوميًّا؛ لأحقق المزيد من الأرباح! لا يوجد أي طريقة سواء كانت إلكترونية أو في العالم الواقعي تُمكّنك من تحقيق المال من دون عمل، فهذا خلاف العقل والمنطق، فإذا وجدت منتجًا يلمح -ولو بكلمة واحدة- إلى هذا المبدأ، فإن عليك أن تلقي به في سلة المهملات بشكل فوري، وعليك أن تعرف أن الطريق الوحيد للنجاح هو أن تستيقظ لا أن تنام.

كيف أصبحت مليونيرًا في سنة؟

قبل عام من الآن كنت مثلك تمامًا، أستيقظ من النوم في السادسة صباحًا وأحاول أن أسابق الوقت؛ لأكون مستعدًّا للخروج إلى العمل، فلم يكن لديَّ وقت لتناول الإفطار ولا لاحتساء كوب من القهوة التركية المميزة، وكانت هذه عادتي اليومية على مدى سنوات صيفًا وشتاء، وحين أصل للعمل أرى أمامي ذلك الغول (المدير) صارخًا في وجهي: “لماذا تأخرت خمس دقائق للمرة الثالثة؟!”، وأحاول حينها أن أجد المبرر المناسب كي أستطيع الإفلات من لسانه، وعندما أتوجه إلى المكتب أجد أمامي كومة من الأوراق ورسائل البريد الإلكتروني والكثير من العمل الروتيني المتعب والممل، وحين أعود إلى بيتي في المساء أكون منهكًا للغاية ولا أستطيع سوى تناول العشاء بشكل سريع ومشاهدة برنامجي التلفزيوني المفضل، ومن ثم أتوجه إلى السرير خائر القوى وأخلد في نوم عميق لأستيقظ في اليوم التالي، وتتكرر المعاناة نفسها، وفي نهاية الشهر أتسلم مبلغًا من المال لينفد مني في منتصف الشهر!

أما الآن فقد اختلف الوضع بعد أن اكتشفت الطريقة الفريدة للربح من الإنترنت، ها أنا اليوم أرتدي أفخم الملابس، وأقود أغلى السيارات، وأسافر من بلد إلى آخر بينما رصيدي البنكي في زيادة مستمرة، وقد تمكنت خلال عام واحد فقط من تحقيق ما يزيد على 1,200,000 دولار من خلال ساعة عمل واحدة يوميَّا! الأمر ليس مستحيلًا ولا صعبًا، ويمكنك أن تحقق أنت ذلك أيضًا، ولكن إن عرفت السر الذي سأخبرك إياه عند شراء المنتج.

مهلًا! هل الهراء بالأعلى حقيقي؟ بالطبع لا! ولكني أردت أن أستخدم الأسلوب نفسه الذي يستخدمه الكثير من أصحاب المنتجات الوهمية، وصدقني أنا لا أبالغ أبدًا، فعلى مدى السنوات الماضية وجدت الكثير من هذه المنتجات بل وجدت ما هو أسوأ أيضًا، ولكن عليك أن تسأل نفسك سؤالًا بسيطًا: إذا استطاع هذا الشخص أن يكون مليونيرًا خلال عام واحد، فما الذي يدفعه إلى إعداد منتج رقمي يشرح فيه الأمر للناس، ولمَ يضيع وقته وجهده في إعداد منتج كهذا إن كان يستطيع تحقيق الآلاف يوميَّا في ساعة واحدة!

بإمكانك أن تصبح مليونيرًا في يوم واحد فقط، ولكن ليس عن طريق العمل الإلكتروني بل بالاشتراك في برنامج “من سيربح المليون”!

لا تذهب سأمنحك خصمًا!

لا تغادر! ماذا لو حصلت على المنتج بسعر مُخفّض؟ رسائل كهذه تظهر لك عند محاولة مغادرة الموقع الخاص بكثير من المنتجات الوهمية، فلو كان سعر المنتج 100 دولار قد تجده انخفض إلى 30 دولارًا فقط عند محاولتك المغادرة! وهذا يدل دون شك  على أن صاحب المنتج يود أن يحصل منك على أي مبلغ من المال، وأنه لا يوجد سعر ثابت لهذا المنتج؛ لأنه لن يقدم لك شيئًا حقيقيًّا.

كيف-تميز-منتجات-الربح-من-الإنترنت-الوهمية2

تخيل أنك قد قمت بعملية الشراء مباشرة، وحصلت على المنتج بمبلغ 100 دولار، وفي اللحظة نفسها كان هناك شخص آخر في الموقع وحاول الخروج فظهر له العرض المخفض واشترى المنتج بثلاثين دولارًا أو أقل، صدمة كبيرة أليس كذلك؟ عندما تهم بمغادرة موقع لمنتج وهمي وتظهر لك هذه الرسالة فلا ترجع أبدًا، بل عليك أن تسرع بالخروج؛ لأن هذه الرسالة هي دليل جديد على أن المنتج مجرد وهم!

لن يتكرر هذا العرض

هذا العرض لمرة واحدة فقط، في حال اخترت ألا تستفيد من هذه الفرصة فإنك لن تحصل عليها ثانية! مثل هذه الرسائل تستخدم عادة بعد شرائك للمنتج، فقد تكون قد وقعت ضحية لأحد المنتجات الوهمية التي لا يكتفي فيها البائع بحصوله على مبلغ مالي بسيط منك، بل يسعى لتجفيف مواردك المالية، فبعد الشراء وقبل أن تصل إلى صفحة تنزيل المنتج، سيقدم لك البائع عرضًا للحصول على منتج إضافي، أو تكميلي يزيد من ربحك للمال، أو يجعل عملك أكثر سهولة، وفي حال اخترت عدم الاستفادة من العرض فسيتليه بعرض ثان وثالث قبل أن يقودك في نهاية الأمر لصفحة المنتج المشؤوم! وإن قررت شراء العرض الجديد فإنه سيشكرك على ذلك، ولكن لن ينتهي الأمر أيضًا، فقد يقدم لك مزيدًا من العروض واحدًا تلو الآخر! السؤال المهم هنا: هل تعتقد أنك لو راسلت البائع لاحقًا وطلبت منه شراء المنتج في ذلك العرض الذي يظهر لمرة واحدة فقط فإنه سيمانع؟ أترك الإجابة لك!

كيف-تميز-منتجات-الربح-من-الإنترنت-الوهمية3

قد تقول الآن إن إعادة بيع المزيد من المنتجات للعملاء الحاليين من الأساليب التسويقية المستخدمة بكثرة، فلماذا نعتب على هؤلاء؟ الإجابة بسيطة، هؤلاء الأشخاص يطرحون منتجًا مدعين أنه سيحقق لك الكثير من المال، وعندما تقوم بشرائه فإنهم يعرضون عليك وفي الوقت نفسه أن تشتري منتجًا أخر يساعدك على تحقيق مال أكثر، أو يعرضون عليك أن تشتري النسخة الكاملة من المنتج! هل ذكر لك في البداية أنك ستحصل على جزء من المنتج، وأنك ستتلقى عرضًا آخر في وقت لاحق لشراء المنتج كاملًا؟ هذا مجرد استغلال للناس ومحاولة لبيع الوهم وكسب المال بطريقة غير مشروعة!

بالطبع فإن هناك المزيد من العلامات التي تشير إلى المنتجات الوهمية، وفي هذا المقال حاولت أن أُبين الشائع منها، وتذكر حتى وإن اشتريت هذه المنتجات من موقع موثوق مثل ClickBank بضمان استعادة مالك خلال 60 يومًا، كما كنت أفعل أنا، فإن الوقت والجهد اللذين ستقضيهما في محاولة فهم طريقة المنتج الوهمي واستخدامه لن يستطيع أن يعوضك عنهما أحد!

Mohammad Alzayer

مستشار في الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة "منشآت"، خبير سلاسل الإمداد والتجارة الإلكترونية. حاصل على درجة الماجستير في إدارة سلسلة التوريد من Dublin Institute of Technology بجمهورية إيرلندا.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
× تواصل معي