الإدارة الاستراتيجية

احذر حواجز الخروج العالية!

بسم الله الرحمن الرحيم

إن أي مشروع تجاري مهما كان حجمه بل وحتى المشاريع الفردية في شبكة الإنترنت يكون الهدف منها أولا وأخيرا تحقيق الربح دون شك، وبطبيعة الحال فإن كل مشروع تكون له نسبة من المخاطرة تزيد أو تنقص وفقا لطبيعته، وكذلك بناء على عوامل أخرى متعددة ومتشعبة، وفي هذا المقال سأخصص الحديث حول نقطة مهمة خصوصا لتلك المشاريع التي قد لا يكتب لها النجاح، وسيكون حديثي حول حواجز الخروج العالية؛ ولا تقلق إن كنت ترى هذا المصطلح غير مفهوم بالنسبة لك، فالحديث سيكون بصياغة مبسطة وستصبح الفكرة واضحة وجلية في الأسطر القادمة فلا تتعجل.

تتعدد طبيعة المشاريع التجارية من ناحية سهولة وصعوبة الاستثمار فيها، وكلما زادت صعوبة التأسيس لمشروع ما؛ قل عدد المستثمرين فيه وانخفضت شدة المنافسة، وفي الغالب فإن هذا النوع من المشاريع يشكل تركها والاستغناء عنها  تحديا كبيرا وأمرا صعبا، وهنا يمكن أن نقول بأن حواجز الخروج عالية لهذا النوع من المشاريع أي أن هناك معوقات تزيد من صعوبة ترك الاستثمار.

ولتسهيل المعلومة في هكذا مواضيع أفضل دائما أن استخدم مثالا من الواقع لتكون الصورة واضحة بشكل أكبر، وبما أننا نركز على المشاريع الإلكترونية؛ فسيكون مثالنا إلكترونيا، وقد وقع الخيار على مواقع الاستضافة وهي مثال رائع لهذا الموضوع.

بدأت المواقع المتخصصة في تقديم خدمات استضافة المواقع تزداد بشكل جنوني، حتى أصبحت أضحوكة بامتياز، حيث نجد الكثير من الأشخاص الذين يمتلكون استضافة موزع بمبلغ شهري زهيد ويقومون بتأسيس موقع لتقديم خدمات الاستضافة! ومع أن الدخول لهذا العالم ليس بالأمر السهل ويتطلب استثمارا جيدا ورأس مال ليس بقليل يتم توزيعه بشكل جيد مع ضرورة تخصيص جزء منه كاحتياطات مالية، بالإضافة إلى وجود فريق عمل متكامل وإدارة جيدة، إلا أننا وبالرغم من كل ذلك نجد الكثير من تلك المواقع التي لا تراعي حتى ربع المتطلبات الأساسية لمثل هكذا مشاريع فتشرع أبوابها معلنة عن بدء تقديم خدماتها التي لا نظير ولا مثيل لها في عالم الإنترنت، وتجد هكذا مواقع إقبالا من بعض الباحثين عن السعر الأرخص وليس السعر المتوازن الذي يضمن تقديم مستوى جيد من الخدمات، ليأتي هؤلاء المستضيفون بعد مدة قصيرة واضعين شكاواهم في مختلف المواقع والمنتديات الإلكترونية بخصوص اختفاء ما يسمى “بالشركة” تماما من شبكة الإنترنت والتي تغيب معها مواقع هؤلاء المستضيفين بشكل كامل ليضيع بذلك كل المال والجهد والوقت الذي بذلوه في العمل على مواقعهم.

قد تختلف أسباب ذلك التصرف من قبل صاحب الاستضافة من حالة إلى أخرى، فقد يكون هدف البعض من مؤسسي هكذا مواقع هو النصب والاحتيال منذ البداية، حيث يطمحون إلى جمع مبلغ من المال ومن ثم إغلاق مواقعهم ليعودوا لممارسة نشاطهم في وقت لاحق باسم جديد، أما الأمر الأكثر شيوعا هو أن الكثير من هؤلاء يقوم بإنشاء موقع الاستضافة بجهل تام ودون أي دراسة مع عدم وجود القدرة المالية لديهم لمثل هكذا مشروع، ونتيجة لذلك فإنهم وفي النهاية يجدون أنفسهم غير قادرين على دفع تكاليف الخادم أو حساب الموزع والذي غالبا ما يكون الدفع له بصورة شهرية في مقابل تقديم خطط استضافة برسوم سنوية في كثير من الأحيان.

السيناريو الذي يحدث أن صاحب موقع الاستضافة من هذا النوع لا يوفق في الحصول إلا على عدد بسيط جدا من العملاء الذين يدفعون رسوما سنوية لاستضافة مواقعهم، ولأنه قد وضع سعرا منخفضا جدا لكسب هؤلاء العملاء؛ فإنه لا يحصل على دخل جيد مقابل الخدمة التي يقدمها، فلو فرضنا أن أحد أصحاب هذا النوع من الاستضافات وبعد إنشاء موقعه حصل على ثلاثة عملاء في الشهر الأول ودفع كل منهم  مبلغ 150 ريالا للحصول على استضافة سنوية، في حين أن صاحب الاستضافة يدفع رسوما شهرية قدرها 100 ريال لحساب الموزع الخاص به، فإذا فشل في الحصول على المزيد من العملاء فإنه لن يستطيع تغطية تكاليف الاستضافة بعد 4 أشهر فضلا عن الحصول على ربح وهذا هو الحال في كثير من الأحيان.

وكنتيجة للسيناريو الحاصل بالأعلى يجد صاحب الاستضافة نفسه في حيرة من أمره، فإما أن يدفع من ماله الخاص لاستضافة مواقع العملاء للأشهر المتبقية ومن ثم يغلق خدماته، أو أن يستمر في استقبال المزيد من العملاء، ومع ضعف الإقبال ستصبح المشكلة أكثر تعقيدا، لأنه إن جاء إليه عميل جديد في الشهر الرابع مثلا ودفع رسوما سنوية فهذا يعني أن عليه أن يحسب اثنا عشر شهرا جديدا من المعاناة! ولهذا فإن البعض ممن يقعون في هذه المشكلة يلجأون إلى الحل الأسهل وهو الهرب وترك كل شيء إما لعدم وجود المال لديهم أو لعدم رغبتهم بالخسارة، والضحية هو ذلك العميل الذي وثق بهكذا استضافة.

وبالطبع فإن الأمر لا يقتصر على هذا السيناريو فقط، فهناك احتمالات متعددة ولكن ما تم ذكره بالأعلى مجرد مثال محتمل، والمثال السابق يوضح لنا صعوبة الخروج من هكذا سوق، فإنه وعند تقديم خدمة استضافة سنوية في مقابل الدفع الشهري الذي يقوم به مقدم الخدمة، يصبح من الصعب الخروج من السوق في حال عدم وجود الأرباح، لأن الخروج يتطلب عدم استقبال المزيد من العملاء والالتزام بدفع التكاليف الخاصة بالاستضافة للفترة المتبقية حسب تاريخ استضافة أخر عميل وهذا ما نسميه بحواجز الخروج العالية.

بالطبع فإن هذا يشمل أي مشروع تجاري سواء كان داخل شبكة الإنترنت أو خارجها، فهناك الكثير من المشاريع التي تكون حواجز الخروج فيها عالية بسبب وجود الكثير من المعوقات المختلفة، وحتى مع وجود الدراسات المفصلة والمتأنية للمشاريع فإنه ليس هناك من ضمان يؤكد نجاح المشروع بنسبة 100%، وهنا لا نقول بأن على المستثمر أن يتردد أو يحتار، وإنما عليه أن يؤخذ بالحسبان نسب الفشل الممكنة، وعليه بناء على ذلك دراسة حواجز الخروج دراسة وافية ليعرف إن كان بإمكانه التغلب عليها في حال عدم نجاح المشروع أم لا وذلك لكي لا يقع في مأزق لا يحسد عليه!

[su_divider top=”no”]

هذا المقال برعاية: ألباري – شركة لتداول الفوركس عبر الإنترنت

Mohammad Alzayer

مستشار في الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة "منشآت"، خبير سلاسل الإمداد والتجارة الإلكترونية. حاصل على درجة الماجستير في إدارة سلسلة التوريد من Dublin Institute of Technology بجمهورية إيرلندا.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
× تواصل معي