بسم الله الرحمن الرحيم
تطرقت في مقال مختصر سابق بعنوان مستقبل التجارة الإلكترونية في العالم العربي إلى لمحة سريعة حول هذا المجال ملخصها أن العالم العربي يتوجه نحو المزيد من الاعتمادية على الشبكة العنكبوتية وهو ما يخلق فرص أكبر للمستثمرين في هذا المجال. اليوم سأركز الحديث حول معالم التجارة الإلكترونية في السعودية وسيكون ذلك من خلال تحليل المعلومات الواردة في دراستين لشركة ماستر كارد بالإضافة إلى دراسة حديثة صدرت قبل أيام لموقع الدفع العربي PayFort والتي تتحدث حول المدفوعات في العالم العربي للعام 2014.
وفقا لدراسة المدفوعات من موقع PayFort فإن عدد مستخدمي الإنترنت في السعودية بلغ 15.6 مليون مستخدم أي ما يشكل 54% من مجموع السكان البالغ 28 مليون نسمة (عدد السكان حسب موقع مصلحة الاحصائات العامة والمعلومات 29,994,272 نسمة بنهاية العام 2013)، فيما يبلغ عدد الأشخاص الذين أجروا معاملات عبر الشبكة 3.9 مليون شخص ومن المتوقع أن يزداد العدد وتكون المملكة هي الأكثر نصيبا من حجم المعاملات الإلكترونية في المنطقة، ولعل هذا ما يؤكده أيضا الاستطلاع الذي قامت به شركة ماستر كارد (2014) حيث أن قرابة 50% ممن شاركوا في الإجابة أوضحوا بأنهم قد أجروا عمليات شراء إلكترونية وهذه نسبة أكبر من الدراسة السابقة لشركة ماستر كارد والتي بلغت نسبة الإجابات الإيجابية فيها 46%، وقد أكد مدير قسم المدفوعات في ماستر كارد الشرق الأوسط وافريقيا أنه يتوقع نموا سريعا لمجالات التجارة الإلكترونية في السعودية.
كما بينت دراسة PayFort أن الذكور كان لهم النصيب الأكبر من حجم المعاملات الإلكترونية حيث أن 85% من إجمالي المعاملات كانت من نصيبهم بينما شكلت نسبة الإناث 15% فقط، وبالرغم من أن نسبة الذكور أعلى قليلا من الإناث في المملكة (57% مقابل 43%) يبقى الفارق أكبر لمصلحة الذكور من ناحية المشاركة في عمليات التجارة الإلكترونية في السعودية.
من ناحية الفئات العمرية فقد حققت الفئة (18-25) النسبة الأكبر بمقدار 30% من إجمالي المعاملات الإلكترونية هذا بالرغم بأن نسبة السكان في هذه الفئة العمرية ليست بكبيرة حيث أنه ووفقا للاحصائيات الواردة في موقع CIA فإن الفئة العمرية (15-24) لا تشكل سوى 19.3% من إجمالي عدد السكان، بالإضافة لذلك فإن دراسة شركة الماستر كارد ما قبل الأخيرة تؤكد أن الفئة العمرية (18-24) هي المسيطرة على عمليات التجارة الإلكترونية في السعودية، وبالرغم من أن توزيع الفئات العمرية مختلف قليلا بين الدراسات إلا أن ذلك لا يمنع من إمكانية المقارنة.
وأوضحت دراسة المدفوعات لـ PayFort أن أكبر نسبة من عمليات التجارة الإلكترونية في السعودية تمت في مدينة الرياض والتي حققت 32% تليها مدينة جدة بنسبة 29% ومن ثم الدمام بفارق شاسع حيث تبلغ النسبة 7% فقط وبنسب مقاربة لبعض المدن الأخرى.
كان لشراء تذاكر الطيران النسبة الأكبر من إجمالي العمليات الإلكترونية حيث بلغت النسبة 24% وفقا لدراسة PayFort، وقد ذكرت دراسة ماستر كارد الأخيرة أيضا عمليات حجوزات الطيران ضمن الأمور الأساسية لعمليات التجارة الإلكترونية ولكن وفقا لـ 6 أسواق مختلفة في الشرق الأوسط وليس للمملكة فقط وكان ذلك دون تحديد نسبة معينة أو إذا ما كان شراء التذاكر هو الأعلى من غيره أم لا، بينما ذكرت الدراسة ما قبل الأخيرة لشركة ماستر كارد أن 50% من المجيبين في السعودية أفادوا بشراءهم لتذاكر الطيران إلكترونيا وقد جاء ذلك بعد شراء الموسيقى (64%) وبرامج الكمبيوتر (57%) ولكن هذا لا يعني أن هذا الترتيب يمثل الحجم الحقيقي من عمليات التجارة الإلكترونية في السعودية لكل تصنيف وإنما تمثل هذه النسب عدد الأشخاص المشاركين والذين حددوا شراءهم لمنتجات من التصنيفات المذكورة في الدراسة وهو أمر مختلف.
الإلكترونيات تلي تذاكر الطيران في نسبتها من إجمالي حجم معاملات التجارة الإلكترونية في السعودية بنسبة 20% وفقا لدراسة PayFort وتليها منتجات وخدمات مختلفة مثل حجز الفنادق والترفيه والملابس وغيرها، وهناك تشابه بين التصنيفات المذكورة في دراسة PyaFort وماستر كارد.
نسب معاملات التجارة الإلكترونية في السعودية موزعة حسب نوع المنتجات/الخدمات – دراسة PayFort
أما بخصوص مواقع التجارة الإلكترونية الأكثر شيوعا واستخداما في عمليات التجارة الإلكترونية في السعودية فقد ذكرت الدراسة الأخيرة لماستر كارد أن موقع سوق كوم الشهير قد حل في المرتبة الأولى ويليه موقع Amazon فيما يحل موقعي eBay والخطوط السعودية في المرتبتين الثالثة والرابعة على التوالي، وهذه الدراسة تظهر اختلافا عن الدراسة السابقة لماستر كارد بتقدم موقع سوق كوم على موقع امازون حيث كان الأخير يحل أولا في الدراسة السابقة، وأما بالنسبة لدراسة PayFort فقد اعتمدت على النظر في ترتيب كل موقع في السعودية بناء على موقع اليكسا وهذا لا يعطي نظرة صحيحة وواقعية لحجم المعاملات لكل موقع.
المواقع الأشهر في عمليات التجارة الإلكترونية في السعودية حسب ترتيب اليكسا – دراسة PayFort
بالنسبة لعمليات الدفع فإن أغلبية المعاملات يتم الدفع لها بنظام الدفع عند الاستلام Cash-On-Delivery؛ حيث تتم 76% من عمليات الدفع في السعودية بهذه الطريقة وفقا لدراسة PayFort بينما يشكل استخدام البطاقات الإئتمانية نسبة 24% فقط، وبالرغم من ارتفاع نسبة الاعتماد على طريقة الدفع عند الاستلام فإن النسبة في المملكة تعتبر الأقل من بين دون مجلس التعاون الخليجي الأخرى التي يشكل استخدام البطاقات الائتمانية فيها نسبة أقل من المملكة مع استخدام أوسع لطريقة الدفع عند الاستلام.
بالرغم من ذلك فإن هناك انتشار كبير للبطاقات الائتمانية في المملكة، فمن ضمن قائمة أوردتها دراسة PayFort تشمل المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والكويت والأردن وقطر ولبنان وعمان جاءت المملكة في المرتبة الأولى من حيث انتشار البطاقات الائتمانية بعدد 12,300,000 بطاقة.
انتشار البطاقات الائتمانية – دراسة PayFort للمدفوعات (اضغط على الصورة لعرضها بالحجم الكامل)
وتجدر الإشارة إلى أن دراسة PayFort حوت على الكثير من المعلومات التفصيلية الهامة عن دول عربية مختلفة ويمكن الاطلاع على الدراسة كاملة للمزيد من المعلومات.
تحليل وتعليق حول التجارة الإلكترونية في السعودية
من الواضح أن هناك اتفاق بأن مستقبل التجارة الإلكترونية في السعودية وفي العالم العربي بشكل عام متجه للنمو إلى مراتب أعلى بكثير مما هو عليه حاليا، وهذا ما تشير إليه الكثير من التقارير المختلفة وليس الدراستين المذكورتين فقط، ولعل هناك أسباب عديدة حسب وجهة نظري ساهمت وتساهم في هذا التقدم الآخذ بالازدياد شيئا فشيئا وبخطوات كبيرة.
لعل انتشار العديد من المواقع العربية والمتخصصة في التجارة الإلكترونية مثل موقع سوق كوم وسكر ونمشي وغيرها من المواقع بالإضافة إلى بعض الجهات التجارية الشهيرة مثل اكسترا للإلكترونيات في السعودية تقدم خدمة البيع إلكترونيا بالإضافة إلى معارضها ساهم في تعزيز مكانة التجارة الإلكترونية في المملكة، وبالرغم من أن هذه المواقع لا تضاهي في حجمها المواقع العالمية الشهيرة مثل Amazon و eBay إلا أنها استطاعت أن تقدم خدمات تتناسب مع طبيعة السوق العربي والسعودي مثل الدفع عند الاستلام والتي قد تكون هي السبب الأقوى لنجاح هذه المواقع خاصة إذا ما نظرنا إلى تقرير PayFort الذي يشير إلى أن 76% من المدفوعات الخاصة بعمليات التجارة الإلكترونية في السعودية تتم بهذه الطريقة.
أضف إلى ذلك فإن عامل اللغة يعتبر مهما أيضا، فالبعض ممن لا يجيدون اللغة الإنجليزية قد يواجهون صعوبة في استخدام مواقع مثل Amazon و eBay وبذلك شكلت المواقع العربية حلا مناسبا لهذه المشكلة.
بالنسبة للبطاقات الائتمانية فبالرغم من انخفاض استخدامها مقارنة بطريقة الدفع عند الاستلام، إلا أن زيادة نسبة استخدامها في السنوات الأخيرة قد يعود لانتشار استخدام البطاقات الائتمانية مسبقة الدفع والتي يعتبرها الكثيرون أكثر أمانا من البطاقات العادية حيث أنه يمكن إضافة مبلغ مالي محدد لها قبل إتمام عملية الشراء مباشرة وبذلك يتجنب صاحبها خطر سرقة أمواله لو حصلت مشكلة ما أدت إلى وصول طرف ثالث لمعلومات البطاقة، ولعل أشهر هذه البطاقات في السعودية بطاقتي الماستر كارد من البنك الأهلي التجاري وفيزا تسوق من مصرف الراجحي واللتان تحدثت عنهما في مقال قديم بعنوان تجربتي مع البطاقات الائتمانية مسبقة الدفع، وبالإضافة إلى البطاقات مسبقة الدفع فإن توفر بوابات الدفع الشهيرة ذات المصداقية العالية مثل PayPal له دوره أيضا في زيادة الاستخدام.
بالإضافة إلى ما ذكر فإن توفر السلع بأسعار أقل من الأسواق التقليدية في كثير من الأحيان يعتبر محفزا كبيرا للكثيرين للإقدام على شراء المنتجات إلكترونيا، ولا ننسى إمكانية المقارنة بين الأسعار والخدمات في المواقع المختلفة بطريقة سهلة بخلاف الحال في الأسواق التقليدية.
قد تكون هناك بعض المعوقات التي تقف أمام التجارة الإلكترونية في السعودية مثل عدم وجود الخبرة في إتمام هكذا معاملات من قبل البعض وعدم الاطمئنان لجودة المنتجات المعروضة في مواقع التجارة الإلكترونية، وكذلك النظرة السلبية لتعامل المواقع الإلكترونية مع المعلومات الشخصية ومعلومات الدفع، بالإضافة إلى بعض المعوقات المتعلقة بطبيعة المنتجات نفسها مثل مقاسات الملابس وروائح العطور ونحوها، إلا أن الأيام كفيلة بتجاوز الكثير منها خصوصا أن العالم أجمع يتجه إلى مزيد من الاعتمادية على التكنولوجيا والشبكة العنكبوتية في مختلف نواحي الحياة.
[su_divider top=”no”]
المراجع:
تحياتي ,,
شكرا لتقديمكم إحصائيات وأرقام تبشر بالخير عن مستقبل التجارة الإلكترونية وتحفز الراغبين في دخول هذا المجال .
تمنياتي لكم بالتوفيق
مقال اكثر من رائع و اعتقد ان هذه الاحصائيات سا تفيد كثير من مواقع التسوق الكبري المعروضة .. يعطيك الف عافية اخي
تقبلي شكري و امتناني العميق
شكراً لك على المقال الرائع والمفيد…
لكن هل لك أن تذكر لنا كم هو عدد المواقع الإلكترونية في المملكة العربية السعودية؟، حيث لا تتوفر أي معلومات بهذا الخصوص.
بحثت كثيراً ولم أجد المعلومة.
شكراً لك.